الصحة النفسية للطفل لا تتشكل من فراغ، بل تبنى يومًا بعد يوم من خلال المواقف والمشاعر التي يمر بها داخل أسرته ومحيطه، ورغم أن الضغوط العاطفية التي يواجهها الطفل في الصغر قد تبدو عابرة، إلا أنها تترك أثرًا عميقًا في نفسه، يظهر مع الوقت خاصة في مرحلة البلوغ.
في هذا الفيديو، يستعرض الدكتور محمد مصطفى الهنداوي -استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان- أبرز النقاط حول الصحة النفسية للطفل، وكيف تؤثر البيئة المنزلية والضغوط المبكرة في سلوك الطفل وتطوره العاطفي، كما يوضح دور الأهل في واحتواء هذه التحديات قبل أن تترك أثرًا طويل المدى.
الضغوط النفسية المبكرة وأثرها في الصحة النفسية للطفل
يبدأ الدكتور محمد مصطفى الهنداوي حديثه بالتأكيد على أن المشاكل العاطفية لا تعني بالضرورة العلاقات، بل يُقصد بها الضغوط النفسية اليومية التي يمر بها الطفل داخل بيئته، مثل:
- الصراخ المستمر أو التوتر داخل المنزل.
- غياب الحوار أو الدعم العاطفي.
- الشعور بالخوف أو فقدان الأمان.
هذه البيئة تترك أثرًا نفسيًا عميقًا، وتجعل الطفل يعتاد القلق، ويُصبح التوتر جزءًا من يومه دون أن يعرف كيف يعبّر عن ذلك.
ومع الوقت، تبدأ هذه المشاعر المكبوتة بالظهور خلال مراحل النمو التالية.
مرحلة البلوغ| نقطة التحول في الصحة النفسية للطفل
يوضح الدكتور محمد مصطفى الهنداوي أن مرحلة البلوغ ليست مجرد تغيّرات جسدية، بل هي مرحلة تغيرات نفسية وعاطفية عميقة وحتى الطفل الذي نشأ في بيئة مستقرة يمر خلالها بتقلبات في المزاج والسلوك، أما الطفل الذي تعرّض لضغط نفسي في سن صغيرة فتزداد لديه هذه التقلبات بدرجة أكبر، ويصبح:
- سريع الغضب.
- متقلب المزاج.
- حساسًا لأي تعليق أو توجيه.
والبنات على وجه الخصوص، يُظهرن هذه التقلّبات بصورة أوضح في هذه المرحلة، لذلك من الضروري أن يُقابل الأهل هذه التغيرات بهدوء واحتواء، لا بصدام أو عقاب.
تأثير الأصدقاء على استقرار الطفل النفسي
في هذه المرحلة العمرية، يُعد الأصدقاء عنصرًا مؤثرًا للغاية في تشكيل نفسية الطفل وسلوكه.
وإذا كان الطفل يفتقر إلى الدعم والاحتواء داخل الأسرة، فقد يبحث عن الأمان في دوائر خارجية قد تكون غير آمنة، ويحذر الدكتور الهنداوي من النقاط التالية:
- الانجراف خلف سلوكيات خاطئة نتيجة تأثير بعض الأصدقاء.
- ضعف الرقابة الأبوية، مما يزيد من احتمالية اتخاذ قرارات غير مدروسة.
- تأثر الطفل سلبيًا على المدى البعيد، مما يُضعف قدرته على تكوين علاقات صحية ومستقرة في المستقبل.
وهنا يظهر بوضوح أن الصحة النفسية للطفل لا تتوقف على ما يحدث له اليوم فقط، بل تؤثر بشكل كبير في كيفية تعامله مع مواقف الحياة لاحقًا.
مؤشرات تستوجب الانتباه
يشير الدكتور محمد مصطفى الهنداوي إلى مجموعة من السلوكيات التي يجب على الأهل عدم تجاهلها، فقد تكون مؤشرًا على وجود ضغط نفسي داخلي، ومن أبرزها:
- الانسحاب الاجتماعي أو الصمت الطويل.
- اضطرابات في النوم أو الشهية.
- عادات متكررة، مثل قضم الأظافر أو شد الشعر أو التبول الليلي.
- التراجع الدراسي أو فقدان الحماس والاهتمام.
- نوبات من العصبية أو ردود فعل غير معتادة.
عند ملاحظة أي من هذه العلامات، يُنصح بفتح حوار هادئ مع الطفل، وربما استشارة مختص نفسي إذا استمرّت الأعراض.
إلى هنا ينتهي حديث الدكتور محمد مصطفى الهنداوي، وفيما يلي نستعرض -نحن فريق ميديكازون- كيفية دعم الصحة النفسية للطفل.
لماذا يجب الاهتمام بالصحة النفسية للطفل؟
الاهتمام بالصحة النفسية للطفل ليس مجرد خيار بل هو أساس بناء شخصية متوازنة وقادرة على مواجهة مواقف الحياة المختلفة، فالطفل الذي ينشأ في بيئة تُراعي مشاعره وتُصغي لاحتياجاته النفسية يكون أكثر قدرة على:
- التعبير عن نفسه بثقة.
- بناء علاقات صحية ومتزنة.
- اتخاذ قرارات سليمة.
- التعامل مع الإحباط والضغوط اليومية.
- النمو كفرد منتج وسويّ ومستقر داخليًا.
ومن دون هذا الأساس، قد تتراكم الاضطرابات النفسية لتظهر لاحقًا في صور متعددة، لذلك، ينبغي على الأهل الحرص على دعم الصحة النفسية لأطفالهم، من أجل تنشئة جيلٍ سويّ نفسيًا، قادر على التفاعل الإيجابي مع ذاته ومجتمعه.
كيف ندعم الصحة النفسية للطفل؟
دعم الصحة النفسية للطفل لا يحتاج إلى خطوات معقدة، بل اهتمام حقيقي وتصرفات يومية بسيطة لكنها مؤثرة، إن دور الأسرة في الصحة النفسية للطفل قد يحدث تحولًا كبيرًا في شعوره بالأمان والثقة بنفسه، إليك خطوات عملية تساعدك في دعم نفسية طفلك:
- خصص وقتًا يوميًا للتواصل مع طفلك، سواء من خلال اللعب أو الحديث أو القراءة معًا.
- ركّز على الجهد المبذول أكثر من النتيجة وامدح محاولاته بدلًا من انتظار الكمال.
- علّمه التعبير عن مشاعره بوضوح، وساعده على التعبير عن كل ما يشعر به بداخله.
- استمع إلى أفكاره باحترام وابتعد عن التهكم أو التقليل من مشاعره.
- كن قدوته في التعامل مع المشكلات، فالطفل يراقب ويقلد أكثر مما يسمع النصائح.
وفي الختام، توفير العوامل المؤثرة في الصحة النفسية للطفل بالإيجاب ضمن نطاق الأسرة ليس رفاهية بل هي مسؤوليتك اليومية كأب أو أم في التعامل مع طفلك بكل بوعي.
موقع ميديكازون أكبر منصة طبية في مصر والوطن العربي تضم نخبة من أكبر وأكفأ الأطباء في الوطن العربي في مختلف التخصصات.
يمكن ترك استفسارك في التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي وسوف نعمل جاهدين على توفير إجابة علمية سليمة على لسان أطبائنا المميزين.
إقرأ أيضاً
- تعريف الادمان وأنواعه
- أهمية علاج الحالة النفسية
- أعراض الاحتراق النفسي| ما هي؟ وكيف نتعامل معها؟