يُعد مرض الاكتئاب من أكثر الأمراض النفسية شيوعًا، إذ يُصاب بها ملايين الأشخاص حول العالم، ورغم انتشاره الواسع، لا يزال كثيرون يخلطون بين الاكتئاب كاضطراب نفسي له معايير طبية دقيقة، وبين مشاعر الحزن العابرة الذي يمر به الإنسان في مواقف الحياة المختلفة.
خلال هذا الفيديو تستعرض الدكتور سالي الشيخ -استشاري أول طب نفسي بكلية الطب القصر العيني- أهم جوانب الاكتئاب، وأنواعه، وكيفية التفرقة بينه وبين الحزن الطبيعي.
ما أكثر الأمراض النفسية انتشارًا في هذه الفترة؟
توضح الدكتور سالي أن مرض الاكتئاب يأتي على رأس قائمة الأمراض النفسية المنتشرة في الوقت الحالي، وخاصة الاكتئاب الموسمي الذي يظهر مع تغير الفصول، وفيه يشعر البعض بتغيرات مزاجية خلال فصل الشتاء، أو حتى خلال الصيف عند البعض الآخر، موضحة أن الاكتئاب له صور متعددة ودرجات متفاوتة في الشدة، ومن أهم أنواعه:
- الاكتئاب الحاد: وهو أخطر أنواع الاكتئاب، وقد يصل المريض فيه إلى التفكير في إيذاء نفسه أو الانتحار.
- الاكتئاب الموسمي: وهو الاكتئاب المرتبط بتغير الفصول، ويُلاحظ تكراره في مواسم بعينها.
- الاكتئاب الدائم: ويستمر هذا النوع لفترة تتجاوز العامين، وعادة ما ينتج ذلك من عدم تلقي المريض للعلاج النفسي المناسب.
- الاكتئاب المزمن الوراثي: ويصيب هذا النوع من الاكتئاب الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي مع المرض، يستدعي هذا النوع علاجًا نفسيًا مستمرًا، وعادة ما يتم التعامل معه كأحد الأمراض المزمنة الأخرى، مثل مرض السكري، أو ارتفاع الضغط.
- الاكتئاب المرتبط بالاضطراب الوجداني ثنائي القطب "Bipolar Disorder": الذي يظهر على شكل نوبات اكتئاب تتبعها نوبات من النشاط الزائد أو ما يُعرف بالهوس.
كيف يمكن التفريق بين مرض الاكتئاب ومشاعر الحزن؟
تؤكد الدكتور سالي أن هناك فرقًا جوهريًا بين الحزن الطبيعي ومرض الاكتئاب، فالأخير له معايير تشخيصية محددة، أبرزها:
- شعور دائم بالحزن أو انخفاض الحالة المزاجية معظم ساعات اليوم، ولمدة لا تقل عن أسبوعين، على مدار 6 أشهر.
- تغيرات في شهية المريض، سواء بالشراهة في تناول الطعام الأكل أو عدم الرغبة في تناوله تمامًا.
- اضطرابات في النوم، مثل الأرق أو النوم المفرط.
- فقدان الشغف بالأنشطة المعتادة، حتى لو كانت من الأمور التي كان يستمتع بها الشخص في حالاته الطبيعية.
- انخفاض الرغبة الجنسية.
- اضطرابات في التركيز والذاكرة، وقد يظن المريض أنه يعاني من مشكلة ذهنية أو نسيان مزمن.
- الشعور بعدم أهمية الحياة والرغبة في الموت.
وتضيف الدكتورة سالي أن كل شعور بالحزن لا يُعد اكتئابًا، ومع ذلك حين تستمر الأعراض لفترة طويلة وتؤثر على أداء الشخص في حياته اليومية أو العملية، حينها ينبغي التوجه لاستشاري نفسي لتقييم الوضع.
هل التقلب المزاجي دليل على الاكتئاب؟
تؤكد الدكتورة سالي أنه من الطبيعي مرور الإنسان ببعض التقلبات المزاجية، مثل الحزن عند التعرض لموقف مؤلم، أو الفرح عند حدوث أمر سار، مع ذلك يعد عدم استقرار المزاج يوميًا ودون سبب واضح مؤشرًا على وجود اضطراب وجداني يتطلب تقييمًا نفسيًا وعلاجًا مناسبًا.
متى ينبغي التوجه إلى الطبيب النفسي؟
تشير الدكتور سالي إلى أن استشارة الطبيب النفسي هو خطوة نحو العلاج وتحسين جودة الحياة، وخاصة في حال ظهور أعراض الاكتئاب المتمثلة فيما يلي:
- استمرار أعراض الاكتئاب لأكثر من أسبوعين دون تحسن.
- تأثر الأداء المهني أو الدراسي أو الاجتماعي للشخص.
- ظهور أفكار سلبية متكررة عن الحياة أو الرغبة في الموت.
- وجود تاريخ وراثي للاكتئاب أو الاضطرابات المزاجية.
إلى هنا ينتهي حديث الدكتور سالي عن أنواع الاكتئاب وماهيته، وفيما يلي نستعرض -نحن فريق ميديكازون- كيفية علاج مرض الاكتئاب.
هل يمكن علاج مرض الاكتئاب؟
يُعد علاج الاكتئاب خطوة أساسية نحو استعادة التوازن النفسي للمريض، ويعتمد العلاج على شدة الأعراض، ومدى تكرار النوبات، واستجابة المريض للخيارات العلاجية المتاحة، والتي تتضمن الآتي:
العلاج النفسي "Psychotherapy"
يعد العلاج المعرفي السلوكي "CBT" أولى خطوات علاج الاكتئاب، وخاصة في الحالات البسيطة إلى المتوسطة، ويهدف هذا النوع من العلاج إلى الآتي:
- تعديل أنماط التفكير السلبي لدى المريض.
- تحسين المهارات السلوكية لمواجهة الضغوط.
- تعزيز ثقة المريض بنفسه والتعامل مع التحديات اليومية.
العلاج الدوائي "Antidepressants"
عادة ما يوصي الأطباء باستخدام مضادات للاكتئاب في حال كانت الأعراض شديدة أو استمرت لفترة طويلة دون تحسن، تساعد هذه الأدوية على زيادة نسبة السيروتونين والنورأدرينالين في الدماغ، مع ذلك قد تسبب بعض مضادات الاكتئاب آثارًا جانبية تتحسن مع مرور الوقت.
وينبغي على المريض الالتزام بالجرعة التي يحددها الطبيب، وتحتاج هذه الأدوية من 4 إلى 6 أسابيع قبل أن يظهر تأثيرها بصورة كاملة، ولا ينصح بالتوقف عن استخدامها فجأة، فقد يؤدي ذلك إلى عودة الأعراض أو ظهور أعراض انسحابية مزعجة.
تعديل نمط الحياة
يوصي الأطباء إلى جانب العلاج النفسي والدوائي، باتباع عدة نصائح تساعد على التخفيف من أعراض الاكتئاب، وتتضمن هذه النصائح ما يلي:
- ممارسة النشاط البدني والرياضة بانتظام.
- الالتزام بمواعيد محددة للنوم والاستيقاظ.
- التواصل مع الأصدقاء والعائلة، وتجنب العزلة الاجتماعية.
- اتباع نظام غذائي متوازن، وتجنب المنبهات والكحوليات.
ختامًا، يعد الاكتئاب حالة طبية حقيقية قابلة للتشخيص والعلاج بفعالية، لذا فإن فهم أعراضه والوعي بها الخطوة الأولى نحو التعافي، لذا ننصح بعدم التردد في استشارة الطبيب النفسي المختص، فالصحة النفسية لا تقل أهمية عن أي جانب من جوانب الصحة الجسدية الأخرى.
تعرفوا إلى مزيد من المعلومات عن أنواع الاكتئاب من خلال مشاهدة مقاطع الفيديو الطبية المنشورة على منصتنا المتميزة ميديكازون، المنصة الطبية المرئية الأولى في مصر والعالم العربي.
إقرأ أيضاً
- ما هو العلاج النفسي
- علاج الحالة النفسية
- كيفية التعامل مع الزوجة العنيدة