الصداع من أكثر الأعراض شيوعًا في العالم، فهو يلازم ملايين البشر يوميًا، بدرجات متفاوتة تبدأ من صداع بسيط يمكن تحمله وصولًا إلى صداع مزمن يُعيق المريض عن ممارسة حياته الطبيعية، وتتعدد أسباب وأنواع ألم الرأس.
وفي هذا المقال، نستعرض حوارًا طبيًا ثريًا بين الدكتور أحمد زهران -استشاري جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري- والدكتور شادي سامي -استشاري ومدرس طب المخ والأعصاب جامعة عين شمس- ، قدما فيه رؤية متكاملة حول أنواع الصداع وأسبابه، وطرق التشخيص والعلاج.
أسباب الصداع وآلام الرأس
تتعدد أسباب الصداع وفقًا لنوعه، مثل:
الصداع التوتري: الأكثر شيوعًا
أوضح الدكتور أحمد زهران أن أكثر ما يراه في عيادته هو الصداع التوتري، والذي يُطلق عليه أحيانًا "Tension Headache"، ويصف المريض إحساسه في هذه الحالة وكأن رأسه "مربوطة برباط أو محوطة من كل الاتجاهات".
وأضاف أن هذا النوع من أنواع ألم الرأس يظهر غالبًا مع التوتر النفسي والضغط العصبي وقلة النوم وكثرة التفكير، والسبب العلمي كما شرح هو حدوث انقباض في عضلات فروة الرأس نتيجة التوتر المصحوب بارتفاع مستوى الأدرينالين.
وأيد الدكتور شادي سامي هذا الرأي، وأكد أن الصداع التوتري من الأنواع البسيطة نسبيًا، وغالبًا ما يستجيب للمسكنات التقليدية أو الراحة، إلا أن تكراره بصورة مزمنة يستلزم مراجعة الطبيب لتحديد السبب؛ فقد يتحول إلى عرض مزعج يؤثر في حياة الشخص اليومية.
الصداع النصفي: مرض مزمن يحتاج علاجًا خاصًا
انتقل الدكتور أحمد زهران للحديث عن الصداع النصفي، وأوضح أنه لا يشترط أن يصيب نصف الرأس فقط، بل الأهم هو طبيعة الألم، ويصفه المريض غالبًا بأنه صداع نابض يتمركز حول العين أو بداخلها، ويكون مصحوبًا بأعراض مثل:
- الغثيان أو القيء.
- حساسية مفرطة للضوء، وتجاه الأصوات.
- يصاحبه رغبة في الانعزال داخل غرفة مظلمة بعيدًا عن أي مؤثر خارجي.
هنا تدخل الدكتور شادي وأكد أن الصداع النصفي ليس مجرد صداع عابر، بل هو مرض مزمن يتكرر في شكل نوبات، وشدد على أن الاعتماد على المسكنات العادية لن يفيد؛ فهي توقف الألم مؤقتًا لكنها لا تمنع تكراره، بل إن العلاج يتطلب خطة مختلفة تشمل:
- الحقن بالبوتوكس في مناطق معينة من الرأس.
- استخدام الأدوية الحديثة المضادة لمستقبلات CGRP رغم تكلفتها العالية.
- حقن الأعصاب أو التداخلات الأخرى التي تساعد على تقليل النوبات.
وأوضح الدكتور شادي أن الهدف من هذه العلاجات ليس فقط إيقاف النوبة عند بدايتها، بل تقليل عدد النوبات على المدى الطويل أيضًا، فالمريض الذي كان يُعاني من الصداع النصفي بشكل شبه يومي قد تنخفض نوباته إلى مرة واحدة كل شهر أو شهرين بعد العلاج.
الصداع الناتج عن أسباب أخرى
أشار الدكتور أحمد زهران إلى أن الصداع ليس دائمًا مرتبطًا بالمخ والأعصاب مباشرة، بل قد يكون نتيجة لمشاكل في أعضاء أخرى من الجسم، مثل:
- التهاب الجيوب الأنفية: تؤدي إلى صداع متكرر يحتاج متابعة عند طبيب أنف وأذن متخصص.
- ضعف النظر: يتسبب في صداع متكرر خاصة عند القراءة أو استخدام الأجهزة الإلكترونية، ويُعالج بارتداء نظارة مناسبة.
- الأنيميا: نقص الهيموجلوبين في الدم يجعل المريض يشعر بالصداع والإرهاق المستمر.
- ارتفاع ضغط الدم: غالبًا ما يظهر صداعه في مؤخرة الرأس ويزداد عند إهمال العلاج.
- مشاكل الفقرات العنقية: تسبب شدًا عضليًا في الرقبة يؤدي إلى صداع خلفي مزمن.
وأكد الدكتور شادي سامي على أهمية عدم إهمال هذه الأسباب الثانوية، فالمريض قد يظن أن الصداع له علاقة بالمخ فقط، بينما السبب الحقيقي يكون في العين أو الضغط أو الأنيميا.
العصب الخامس: حين يختلط الصداع بألم الأسنان
روى الدكتور شادي سامي مثالًا واضحًا على خطأ التشخيص الذي قد يقع فيه بعض المرضى، وهو حالة التهاب العصب الخامس وأوضح أن المريض غالبًا يذهب إلى طبيب الأسنان أولًا لأنه يشعر بألم شديد في الفك أو الوجه، فيخلع أكثر من ضرس على أمل أن يختفي الألم، لكنه لا يختفي والسبب الحقيقي هو التهاب في العصب الخامس، والذي يسبب ألمًا على شكل كهرباء أو صاعقة كهربية تصيب نصف الوجه فجأة.
وأضاف الدكتور أحمد زهران أن هذه الحالة لا تستجيب للمسكنات العادية إطلاقًا، وإنما تحتاج إلى أدوية خاصة أو تدخلات مثل التردد الحراري وأكد أن التشخيص الصحيح هو الذي ينقذ المريض من معاناة طويلة وتجارب علاجية خاطئة.
التشخيص الصحيح هو أساس علاج الصداع وألم الرأس
ركز الدكتور شادي سامي في ختام الحوار على أن التفاصيل الدقيقة هي التي تصنع الفارق في التشخيص، فعندما يقول المريض إن الصداع نابض أو يزداد مع الضوء أو يصاحبه قيء، فهذه العلامات تشير إلى الصداع النصفي، أما إذا وصفه كشعور بالضغط أو الرباط حول الرأس فغالبًا هو صداع توتري.
وأكد مقولة مهمة أثارها الدكتور أحمد زهران:
"أن الصداع أو أمراض الصداع لا تعالج بالمسكنات العادية إذا كانت متكررة وغير مستجيبة للدواء".
وأشار إلى أن الطبيب عليه دائمًا أن يستمع للمريض جيدًا، ويجمع تفاصيل الأعراض بدقة؛ فهي البوصلة التي تحدد أنواع وأماكن الصداع والعلاج المناسب له.
وفي ختام حديثهما، يتضح أن الصداع عرض له أسباب وأنواع متعددة، لكن العامل الحاسم في العلاج هو التشخيص الدقيق والنتيجة التي أجمع عليها الدكتور أحمد زهران والدكتور شادي سامي هي أن:
"المسكنات وحدها ليست الحل والاستماع الجيد للمريض هو المفتاح للوصول إلى العلاج الصحيح".
إلى هنا ينتهي حديث الدكتور أحمد زهران -استشاري جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري- والدكتور شادي سامي -استشاري ومدرس طب المخ والأعصاب جامعة عين شمس- حول أنواع الصداع وأماكنها. لحجز موعد مع الطبيب يمكنك مراسلتنا الآن.
وفيما يلي نوضح نحن -فريق ميديكازون- بعض النصائح الهامة للوقاية من الصداع.
كيفية الوقاية من الصداع
الأدوية ليست الحل الوحيد للتعامل مع أنواع ألم الرأس، بل الوقاية وتعديل نمط الحياة يمكن أن يلعبا دورًا هامًا في الحد من تكرار النوبات أو شدتها، ومن أهم النصائح العملية:
- النوم الكافي والمنتظم وتجنب السهر الطويل.
- شرب كميات مناسبة من الماء يوميًا للحفاظ على ترطيب الجسم.
- ممارسة الرياضة أو المشي بانتظام لتحسين الدورة الدموية وتخفيف التوتر.
- تجنب مسببات الضغوط النفسية قدر الإمكان.
- الحد من تناول الكافيين والمنبهات التي قد تزيد من الصداع النصفي عند بعض الأشخاص.
متى يجب زيارة الطبيب فورًا؟
رغم أن معظم حالات الصداع شائعة وبسيطة، إلا أن هناك علامات إن ظهرت يجب عدم تجاهلها والتوجه مباشرة إلى الطبيب، لأنها قد تكون إنذارًا لمشكلة أخطر ومن هذه العلامات:
- صداع متكرر لا يستجيب للمسكنات العادية.
- صداع يزداد تدريجيًا في القوة مع مرور الوقت.
- صداع مصحوب بزغللة في العين أو ضعف في النظر.
- صداع يأتي مع فقدان الوعي أو اضطراب في الكلام أو الحركة.
- صداع مفاجئ وشديد يشبه "الانفجار" في الرأس.
هذه الحالات تستوجب استشارة طبيب المخ والأعصاب فورًا لإجراء الفحوصات اللازمة والوصول إلى التشخيص الصحيح.
ميديكازون هي منصة طبية رائدة في مصر والوطن العربي، تضم مجموعة من أفضل الأطباء المتخصصين في مختلف التخصصات. نحن دائمًا في خدمتكم لتلقي استفساراتكم عبر التعليقات على منصاتنا الاجتماعية، مع ضمان تقديم إجابات دقيقة وموثوقة من قبل فريق من الأطباء الخبراء.
إقرأ أيضاً
1-مما يتكون الجهاز العصبي؟ وكيف تحافظ على سلامته
2-الجلطة في المخ: الأعراض والعلاج في الساعات الأولى
3-ما هي أعراض ورم المخ؟