توجد بعض الأسئلة التي تستحق النقاش دونًا عن غيرها لكثرة طرحها من قِبَل الأزواج الخاضعين لتقنية الحقن المجهري مرتين أو أكثر، الذين لم يحالفهم الحظ في تحقيق حلم الإنجاب، ولعل السؤال الأشهر فيما بينهم: ماذا أفعل بعد فشل الحقن المجهري؟
وللإجابة عن هذا السؤال قررت الأستاذ الدكتور إيمان الجندي -استشاري علاج العقم، وأستاذ النساء والتوليد بكلية الطب، ومدير مركز رحم للخصوبة- توضيح كافة الخطوات الواجب اتباعها لتعزيز فرص الحمل بعد فشل تقنية الحقن المجهري مرتين أو أكثر خلال هذا الفيديو.
ماذا أفعل عند فشل الحقن المجهري؟
تتلخص إجابة سؤال "ماذا أفعل بعد فشل الحقن المجهري؟" في إعادة تقنية الحقن المجهري، مع الحرص على اختيار مركز متخصص يتبّع أفضل استراتيجيات التعامل مع حالات فشل الحقن المجهري.
وتوضح دكتور إيمان الجندي في بداية حديثها أن مُصطلح "فشل الحقن المجهري" يُطلق على الحالات التي تعرضت لفشل محاولتين فما أكثر من محاولات الحصول على حمل عبر الخضوع للحقن المجهري. وتؤكد دكتور إيمان أن مركز رحم للخصوبة يتعامل مع مثل تلك الحالات المُعقدّة وِفق بروتكول دقيق من أجل زيادة فرص الحمل، وتشمل خطوات ذلك البروتوكول:
فحص الزوج والزوجة
تشير دكتور إيمان إلى أهمية تقييم حالة كل من الزوج والزوجة من أجل اكتشاف أي مشكلات صحية يعانونها، ومن ثمّ العمل على علاجها بالطريقة المثلى. ومن أمثلة تلك المشكلات: وجود خلل هرموني لدى الزوجة.
إجراء فحص المنظار الرحمي للزوجة
أشارت الدراسات العلمية الحديثة إلى أهمية إجراء المنظار الرحمي للحالات التي تعرضت لفشل تقنية الحقن المجهري مرتين أو أكثر، وهو الأمر الذي يحرص أطباء مركز رحم للخصوبة على تطبيقه.
وتوضح دكتور إيمان أهمية ذلك الفحص قائلة: "يُجرى المنظار الرحمي للزوجة من أجل إزالة الحاجز الرحمي، وللمساعدة على التعامل مع أي مشكلة تُعيق فرص حدوث الحمل".
تشخيص التهابات قناة فالوب المزمنة
إنّ الإصابة بالتهاب قنوات فالوب المزمنة تخفض احتمالية حدوث الحمل إلى النصف تقريبًا، لذلك تؤكد دكتور إيمان أهمية فصل قناة فالوب الملتهبة أو إزالتها تمامًا من أجل زيادة فرص حدوث الحمل.
صُنع "نتشة" في بطانة الرحم
إنّ صُنع "نتشة" في بطانة الرحم خلال الشهر الذي يسبق مرحلة العلاج التنشيطي من الخطوات الهامّة التي أثبتت جدواها في تعزيز فرص حدوث الحمل، وهو ما تؤكده الدراسة التي أجراها الفريق الطبي بمركز رحم للخصوبة بالتعاون مع فريق بحثي تابع لعدة جامعات مصرية وإحدى جامعات بلجيكا، وقد نُشرت تلك الدراسة بمجلات علمية مرموقة في أوروبا.
وأثبتت الدراسة أن صُنع "نتشة" في بطانة الرحم الدموية يزيد فرص حدوث الحمل للحالات الخاضعة لمحاولتين فاشلتين أو أكثر من عمليات الحقن المجهري، إلا أنها لا تُثبت فعالية عند استخدامها مع السيدات اللاتي خضعن لعملية حقن مجهري واحدة.
وضع نظام علاجي فعال لتنشيط المبايض
تحرص دكتور إيمان على تطبيق أحدث أنظمة العلاج للتعامل مع المبيض بطريقة خاصّة ودقيقة طبقًا لعمر الزوجة ومستوى مخزون بويضاتها وعدد محاولات الحقن المجهري السابقة التي خضعت لها.
وهي توضح أن النظام العلاجي المُتبع في مركز رحم للخصوبة يتضمن وصف أدوية مُخصصة تعمل على تحسين معاملات انغراس الأجنة في بطانة الرحم.
التعامل مع الأجنّة بطريقة دقيقة وفحصها معمليًا
تؤكد دكتور إيمان على أهمية اتباع أطباء مركز الخصوبة الخطوات الآتية خلال مرحلة التعامل مع الأجنة المتكونة بعد إتمام عملية الإخصاب:
- ترك الأجنة المتكونة في الحضانات لمدة خمسة أيام من تاريخ حدوث الإخصاب، أي استخدام أجنة اليوم الخامس لزرعها في الرحم.
- تطبيق تقنية تجميد الأجنة: إنّ الحالات التي خضعت لمحاولتين فاشلتين أو أكثر من عمليات الحقن المجهري ترتفع لديهم فرص الحمل عند استخدام الأجنة المُجمّدة مقارنةً بالأجنة الطازجة (الأجنة الطازجة هي تلك التي تُزرع مباشرة في الرحم بعد اكتمال مراحل انقسامها في الحضانات).
- فحص المادة الوراثية للأجنة (DNA): أثبتت الأبحاث أنّ سبب فشل محاولات الحقن المجهري يعود أحيانًا إلى وجود خلل وراثي بالأجنة المُستخدَمة، لذلك تحرص دكتور إيمان على فحص المادة الوراثية للأجنة قبل زرعها في الرحم.
وتهدف تلك الخطوة إلى استخدام الأجنة السليمة فقط التي تستطيع الانغراس جيدًا في بطانة الرحم، واستبعاد الأجنة التي تمتلك مادة وراثية غير سليمة، لأنها لن تكون قادرة على الالتصاق والانغراس في بطانة رحم عند نقلها.
اتباع نظام شديد الفعالية في تثبيت الحمل
ينبغي للأطباء بناء نظام فعال ودقيق لتثبيت الحمل بهدف التخلص من تأثير الخلل الهرموني أو أي من المشكلات التي قد تؤثر سلبًا في فرص حدوث الحمل. وتوضح دكتور إيمان أن فريق مركز رحم للخصوبة أجرى دراسات بحثية متميزة تختص بدراسة أنظمة تثبيت الحَمل المثلى خلال عمليات الحقن المجهري، وقد نُشرت تلك الدراسات بمجلة الجمعية الأمريكية للخصوبة.
إلى هنا نكون قد أجبنا عن سؤال "ماذا أفعل بعد فشل الحقن المجهري؟" باستفاضة، وأوضحنا كافة العوامل التي تعزز فرص الحمل بعد فشل محاولتين أو أكثر من عمليات الحقن المجهري.
ما أسباب فشل الحقن المجهري؟
يعزي الأطباء واختصاصي و الحقن المجهري أسباب فشل العملية إلى عدة عوامل معقدة، منها:
- أسباب تتعلق بالبويضات أو الحيوان المنوي
قد يفشل الحقن نتيجة وجود مشكلة لدى كلا الزوجين أو واحد منهما، مثل:
- ضعف جودة البويضات: وهو أحد أسباب فشل الحقن الشائعة، خاصة بعد تجاوز الزوجة سن 35، إذ يتسبب في عدم انقسام البويضات بطريقة صحيحة.
- ضعف جودة الحيوانات المنوية: رغم استخدام حيوان منوي واحد في الحقن، إلا أن الحيوانات المُصابة بالتشوهات قد تتسبب في فشل الإخصاب أو تعطي
- أجنة غير قابلة للزرع.
- ضعف انقسام الأجنة بعد التخصيب: وهو أحد المشكلات التي قد لا يكون لها سبب واضح وتؤثر سلبًا في فرصة نجاح الزرع.
- تشوهات الأجنة: وجود طفرات جينية أو كروموسومية قد يؤدي إلى فشل الزرع أو الإجهاض المبكر.
- ضعف بطانة الرحم: لنجاح عملية الحقن وزراعة الأجنة ينبغي أن تكون بطانة الرحم بسُمك مناسب حتى تستقبل الجنين وينغرس بها بنجاح.
- مشاكل في الرحم: مثل وجود لحميات أو أورام أو التصاقات تمنع استقرار الجنين، كذلك إصابة أنسجة بعدوى ما قد يُعيق انغراس الجنين.
- اضطرابات المناعة: أحيانًا، قد تُهاجم الخلايا المناعية الجنين كونه جسم غريب وتمنع انغراسه بالرحم، مسببة فشل الحقن.
ولا تقتصر أسباب فشل الحقن المجهري على الزوج والزوجة فحسب، بل بعضها يرتبط بالمركز الطبي الذي أُجريت به العملية ؛ وذلك في حال وجود مشاكل في الأجهزة المستخدمة في الإجراء، أو عدم كفاءة المختصين بالتعامل مع البويضات والحيوانات المنوية. أيضًا اختيار توقيت خاطئ للزرع قد يكون عاملًا من عوامل فشل العملية.
متى يمكنك إعادة محاولة الحقن المجهري؟
يعتمد قرار إعادة محاولة الحقن المجهري بعد محاولة فاشلة على عدة عوامل، منها سبب فشل التجربة السابقة، وعمر الزوجة، وعدد وجودة البويضات والحيوانات المنوية المتاحة، ولكن بشكل عام من الممكن أن تبدأ المحاولة الأُخرى بعد 3 أشهر -تقريبًا- من المحاولة الأولى.
وإذا كان الفشل السابق ناتجًا عن مشكلات في جودة الحيوانات المنوية أو البويضات، أو إذا كانت هناك مشكلات في نمو الجنين أو انغراسه في الرحم، فقد يكون من الضروري إجراء فحوصات إضافية أو وصف علاجات أخرى للزوج أو/و الزوجة، فعلى سبيل المثال، قد يُغيّر الطبيب المختص بروتوكول تنشيط المبايض المُتبع مثلاً قبل إجراء محاولة حقن مجهري جديدة.
وينبغي العلم أن مناقشة سبب فشل الحقن المجهري السابق مع الطبيب أمر هام، وذلك للحصول إرشادات ونصائح حول أفضل وقت لإعادة محاولة الإجراء مرة أخرى، ومعرفة الخطوات التي يمكن اتخاذها لزيادة فرص نجاح الحقن المجهري التالية. وبشكل عام لا يوجد توقيت ثابت لإعادة المحاولات، و لا يوجد عدد محدد لتكرار محاولات الحقن المجهري، لأن هذا يعتمد -في الأساس- على حالة الزوجة الصحية.
ما الفرق بين الأجنة المجمدة والأجنة الطازجة؟
الأجنة الطازجة هي تلك التي تُزرع في الرحم بعد فترة قصير من تلقيحها معمليًا بواسطة الحيوانات المنوية (عادةً بعد 3 إلى 5 أيام من سحب البويضات وتلقيحها).
أما المجمدة فهي التي تُجمد في حضانات خاصة بعد تلقيحها لمدة شهر على الأقل، وقد تستمر فترة التجميد عدة أشهر أو سنوات أيضًا.
وتعود أسباب تجميد البويضات إلى وجود مشكلة ما لدى الزوجة تستدعي الانتظار وعدم الزراعة في نفس الدورة الشهرية، مثل:
- إصابتها بمتلازمة فرط تكيس المبايض.
- عدم جاهزية الرحم لاستقبال الأجنة واستكمال الحمل.
العنصر |
الأجنة الطازجة
|
الأجنة المجمدة
|
وقت زراعة الأجنة |
في نفس دورة التنشيط
|
في دورة لاحقة
|
حالة الرحم
|
تحت تأثير الأدوية الهرمونية
|
الرحم غالبًا يكون طبيعيًا ومستقرًا أكثر
|
معدل النجاح
|
قد يكون أقل بسبب تأثير الأدوية وعدم جاهزية الرحم للزراعة بنسبة 100%
|
أحيانًا أعلى بسبب تحضير الرحم بصورة أدق
|
التكلفة
|
أقل؛ لعدم وجود تكاليف خاصة بالتجميد
|
أعلى بسبب تجميد الأجنة لفترة ما قبل زراعتها
|
استخدام الأدوية
|
المرأة تكون تحت تأثير أدوية التنشيط
|
المرأة لا تأخذ أدوية تنشيط قوية غالبًا
|
التعرض للإجهاد الجسدي
|
يكون في أعلى معدلاته لإتمام عملية الحقن المجهري بجميع خطواتها في دورة شهرية واحدة
|
أقل؛ لتجزئة العملية وخطواتها على عدة دورات شهرية
|
أيهم أفضل: استخدام الأجنة المجمدة أم الطازجة؟
لا يوجد خيار أفضل من آخر، بل يتوقف الأمر على حالة الزوجة واحتياجات كل حالة، ففي حال كانت الزوجة تُعاني مشكلة ما ينبغي الانتظار وتجميد الأجنة، أما في حال كانت حالة الزوجة جيدة يمكن استخدام الأجنة في نفس الدورة الشهرية، ولا حاجة لتجميدها.
لكن الدراسات الحديثة تميل إلى أن نقل الأجنة المجمدة قد يعطي نتائج حمل مماثلة أو أفضل في بعض الحالات، بسبب استقرار الهرمونات وتجهيز الرحم بشكل أكثر طبيعية.
هل يمكنني الحمل بشكل طبيعي بعد فشل الحقن المجهري؟
نعم، من الممكن الحمل طبيعيًا بعد فشل الحقن المجهري، ولكن ذلك يعتمد على مجموعة من العوامل، منها:
- كانت قناتا فالوب سليمتين، والتبويض منتظم، والبويضات ذات جودة مرتفعة.
- عدم إصابة بالزوجة بانسداد في الأنابيب أو التصاقات شديدة، ويمكن للبويضة أن تصل للرحم بشكل طبيعي.
- الحيوانات المنوية للزوج جيدة (أو تحسنت)
- إذا كانت حركة وعدد وشكل الحيوانات المنوية جيدة، ففرصة التلقيح الطبيعي قائمة.
- عدم وجود أسباب تمنع الحمل الطبيعي مثل: ضعف شديد في المبيض، فشل التصاق الأجنة، أو مشاكل مناعية معقدة.
- انتظام التبويض، فمعرفة متى يعود التبويض بعد فشل الحقن المجهري يُحدد إمكانية حدوث الحمل الطبيعي، أو حتى تجربة الحقن مرة أخرى.
وبالفعل بعض النساء يحملن طبيعيًا بين محاولتين فاشلتين للحقن، خصوصًا إذا كانت المحاولة بسبب مشاكل بسيطة أو غير واضحة، لذا فإن الحمل الطبيعي وارد جدًا إذا كان سبب اللجوء للحقن ضعف بسيط أو مؤقت في الحيوانات المنوية.
يُصيب اليأس بعض الزوجات في حال فشل عملية الحقن المجهري لأول مرة، إلا أن الأمر شائعًا ولا يعني نهاية المطاف، إذ يمكن إعادة إجراء الحقن، وضمان نسب نجاح أعلى لها، كما أن احتمالة حدوث حمل طبيعي تزداد بعد الحقن المجهري حتى وإن لم تنجح العملية، لذا لا داعي لليأس والإحباط.
ندعوكم الآن إلى تصفح محتوانا المرئي والمقروء بمنصة "ميديكازون" للتعرف على المعلومات الطبية القيمة التي يقدمها أفضل الأطباء المختصين في مجالي الإخصاب المساعد وعلاج تأخر الإنجاب.
إقرا أيضاً