يعد الصمام الميترالي أحد صمامات القلب الحيوية، فهو المسؤول عن تدفق الدم من الأذين الأيسر إلى البطين الأيسر، لذا فإن أي اضطرب في وظيفة هذا الصمام -مثل الارتجاع أو التضييق- قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تؤثر في كفاءة عمل القلب وصحة المريض.
خلال هذا الفيديو يسرد الدكتور فؤاد راسخ - أستاذ واستشاري جراحة القلب والصدر بكلية الطب، جامعة القاهرة - قصة ملهمة لرحلة علاج الصمام الميترالي لدى إحدى المرضى.
ارتجاع الصمام الميترالي
يروي الدكتور فؤاد إحدى القصص التي تركت أثرًا عميقًا في نفسه خلال مسيرته المهنية، والتي لا تزال حاضرة في ذاكرته حتى اليوم، فقد كانت بطلة القصة شابة في مقتبل العمر، وكانت تستعد للزواج، وقد حضرت للفحص لتكتشف بصورة مفاجئة بأنها تعاني من ارتجاع في الصمام الميترالي، وهو الأمر الذي يتطلب تدخلًا جراجيًا عاجلًا.
علاج الصمام الميترالى: الجراحة التقليدية أم التدخل المحدود؟
وقد كانت المريضة في حيرة شديدة بين خيارين، إما إجراء الجراحة التقليدية من خلال صنع شق كبير في منتصف الصدر، أو التدخل الجراحي المحدود من خلال فتحات صغيرة، والذي يتمتع ببعض المميزات، مثل المظهر التجميلي، وسرعة التعافي.
ورغم ميلها إلى الخيار الثاني لما يوفره من مظهر أفضل وفترة نقاهة أقصر تمكّنها من إتمام زفافها في موعده، إلا أنها كانت مترددة، نظرًا لكون هذا النوع من التدخل حديثًا نسبيًا مقارنة بالجراحات التقليدية.
اتخاذ القرار بعد التوضيح والاستخارة
يشير الدكتور فؤاد إلى أنه وضح للمريضة تفاصيل علاج الصمام الميترالي بالتدخل المحدود، مؤكدًا لها أن هذه التقنية أصبحت آمنة جدًا، وقد أُجريت للعديد من المرضى وحققت نتائج ممتازة، وقد قررت خوض التجربة بثقة بعد أن أدت صلاة الاستخارة.
نتائج عملية الصمام الميترالي
يكمل الدكتور فؤاد أن العملية أُجريت بنجاح، وغادرت المريضة المستشفى بعد أربعة أيام فقط لتمارس حياتها بصورة طبيعية دون أي مضاعفات تُذكر، وبعد ستة أشهر فقط، أقامت حفل زفافها، وقد أصرت على دعوة الدكتور فؤاد لحضور الحفل، ليشاركها فرحتها في هذا اليوم المميز.
يختم الدكتور فؤاد القصة بأنها كانت من أجمل المواقف التي مر بها في حياته المهنية، وقد كانت هذه المريضة الوحيدة التي حضر زفافها بدعوة شخصية، لتبقى قصتها شاهدًا حيًا على فعالية وأمان التدخل المحدود في علاج الصمام الميترالي.
ما ارتجاع الصمام الميترالي؟
ارتجاع الصمام الميترالي هو تسرب للدم من البطين الأيسر إلى الأذين الأيسر خلال انقباض القلب، نتيجة عدم انغلاق الصمام بصورة كاملة، وبدلاً من تدفق الدم إلى الشريان الأبهر يعود جزء منه إلى الأذين الأيسر، ما يعيق كفاءة عمل القلب.
أعراض ارتجاع الصمام الميترالي
في المراحل المبكرة، قد لا تظهر أي أعراض واضحة، لكن مع تقدم الحالة، تبدأ بعض العلامات في الظهور، وتشمل ما يلي:
- ضيق في التنفس، وخاصة عند ممارسة النشاطات البدنية.
- إرهاق مستمر وغير مبرر.
- اضطرابات في نظم القلب، مثل الخفقان، أو عدم انتظام ضربات القلب.
- تورم في الساقين والكاحلين نتيجة احتباس السوائل.
- السعال، وقد يزداد سوءًا في أثناء الاستلقاء.
يتطلب تشخيص هذه الحالة متابعة طبية دقيقة، وقد يستدعي علاج الصمام الميترالى تدخلات دوائية أو جراحية تبعًا لدرجة الارتجاع ومدى تأثر القلب.
أسباب ارتجاع الصمام الميترالي
تتنوع أسباب هذه الحالة ما بين مشكلات خلقية وأخرى مكتسبة نتيجة أمراض أو التهابات تؤثر في بنية الصمام أو وظيفته، وتتمثل أبرز أسباب ارتجاع الصمام الميترالي فيما يلي:
- ارتخاء شرفات الصمام.
- تمزق الأوتار الداعمة للصمام.
- الحمى الروماتيزمية التي تؤدي إلى تليف الصمام.
- تضخم البطين الأيسر، الأمر الذي يؤثر على الصمام ويمنع انغلاقه بصورة سليمة.
- التهاب الشغاف التي تسبب تآكلًا في شرفات الصمام أو تلفها.
دواعي علاج الصمام الميترالي بالتدخل المحدود
تعد الجراحة بالتدخل الجراحي المحدود من الخيارات الحديثة والمتطورة في علاج أمراض الصمام الميترالي، ويفضل الأطباء استخدامها في عدد من الحالات التي تتطلب إصلاحًا أو استبدالًا للصمام، وينصح بهذا النوع من التدخل في الحالات التالية:
ارتجاع الصمام الميترالي
تنتج هذه المشكلة من ارتخاء أو تمزق إحدى شرفات الصمام الميترالي، ما يؤدي إلى تسرب الدم عكسيًا من البطين الأيسر إلى الأذين الأيسر في أثناء الانقباض القلبي -كما وضحنا سابقًا في هذا المقال-.
تضيّق الصمام الميترالي
يحدث تضيق الصمام الميترالي عادة بسبب تكلسات مزمنة في شُرف الصمام، أو نتيجة الإصابة السابقة بالحمى الروماتزمية، ما يمنع تدفق الدم بصورة طبيعية من الأذين إلى البطين، لذا تعد الجراحة أحد الخيارات الفعالة للتخلص من هذه المشكلة بإزالة التكلسات أو استبدال الصمام.
ضعف وظيفة البطين الأيسر
الارتجاع طويل الأمد للصمام الميترالي يؤدي إلى ضعف عضلة القلب بمرور الوقت، ما يستدعي ضرورة التدخل جراحيًا للحفاظ على كفاءة القلب الوظيفية.
أنواع علاج الصمام الميترالي بالجراحة
اختيار الخطة العلاجية المناسبة لارتجاع الصمام الميترالي يعتمد على مدى تضرر الصمام، وشدة الأعراض، والحالة الصحية العامة للمريض، إذ تتنوع الوسائل العلاجية ما بين التدخلات البسيطة باستخدام المنظار أو القسطرة، والإجراءات الجراحية المتقدمة لاستبدال الصمام بالكامل.
علاج الصمام الميترالى بالمنظار
يعد هذا النوع من العمليات طفرة في جراحات القلب، إذ يتم من خلال شقوق صغيرة في الجانب الأيمن من الصدر، وذلك دون الحاجة إلى فتح عظمة القص، كما هو الحال في الجراحة التقليدية، وتتضمن هذه الجراحة ترميم الشرفات أو الأوتار التالفة للصمام الميترالي لاستعادة وظيفته دون استبداله.
توسيع الصمام الميترالي بالقسطرة
من التدخلات الجراحية البسيطة التي يلجأ لها جراح القلب في حالات ضيق الصمام الناتج من الحمى الروماتيزمية، وتُجرى من خلال إدخال قسطرة مزودة ببالون في طرفها عبر أحد الشرايين الرئيسية في الفخذ، وتُوجه القسطرة إلى القلب، ثم يُنفخ بالون داخل الصمام ما يساعد على اتساعه، واستعادة تدفق الدم داخله بصورة طبيعية.
استبدال الصمام الميترالي
يلجأ جراحو القلب لاستبدال الصمام الميترالي بصورة كاملة في الحالات المتقدمة التي لا يمكن فيها إصلاح الصمام المتضرر، مثل الحالات التي تعاني من تلف شديد في الصمام، أو عندما تفشل محاولات ترميمه أو توسيعه، ويمكن للطبيب استبدال الصمام الميترالي باستخدام أحد أنواع الصمامات البديلة:
- الصمام الصناعي (الميكانيكي)، يُصنع هذا الصمام من مواد معدنية قوية تدوم لفترة طويلة، مع ذلك يتطلب هذا النوع استخدام أدوية السيولة بصورة دائمة لمنع تكون الجلطات الدموية.
- الصمام النسيجي (البيولوجي)، عادة ما يُصنع هذا الصمام من أنسجة قلب بعض الحيوانات، مثل الخنازير والأبقار، ورغم أن عمره الافتراضي أقصر مقارنة بالصمام الصناعي، إلا أنه لا يتطلب استخدام مميعات الدم بصورة دائمة بعد الجراحة.
يمكن للطبيب استبدال الصمامات التالفة من خلال الجراحة التقليدية أو باستخدام تقنيات التدخل الجراحي المحدود، مثل المنظار، ما يسهم في الحد من المضاعفات المحتملة، ويعزز من سرعة التعافي.
التحضيرات اللازمة قبل علاج الصمام الميترالى جراحيًا
يوصي الطبيب المعالج بإجراء بعض الفحوصات الدقيقة قبل جراحة الصمام الميترالي، وذلك لتقييم حالة القلب، وضمان جاهزية المريض لإجراء العملية بأمان، ومن أهم هذه الفحوصات:
- تخطيط القلب الكهربائي "ECG"، ما يساعد على رصد نشاط القلب الكهربائي وتحديد أي اضطرابات في ضربات القلب.
- تصوير القلب بالموجات فوق الصوتية، يسهم هذا الفحص في تقييم وظيفة الصمام الميترالي، وتحديد درجة تلف الصمام بدقة.
- القسطرة القلبية، تسمح بتحديد مدى انسداد الشرايين التاجية، والأوعية الدموية المرتبطة بالقلب.
- تحاليل الدم لتقييم الصحة العامة للمريض، مثل فحص مستوى الهيموجلوبين، ومؤشرات الالتهاب أو العدوى، وزمن التخثر.
وبالإضافة إلى الفحوصات الطبية، يطلب الطبيب من المريض اتباع بعض التعليمات الأساسية قبل إجراء الجراحة لضمان سلامته، وتشمل:
- الصيام، يُوصى الطبيب بالصيام لمدة 8 ساعات على الأقل قبل العملية، وذلك لتفادي أي مضاعفات تتعلق بالتخدير.
- التوقف عن استخدام بعض الأدوية، مثل مميعات الدم (أدوية السيولة)، وذلك لتقليل خطر النزيف في أثناء الجراحة، إلا أنه ينبغي أن يتم هذا تحت إشراف دقيق من الطبيب المعالج.
باتباع هذه التحضيرات الطبية الدقيقة، يصبح المريض أكثر استعدادًا لعلاج الصمام الميترالى جراحيًا بأقل قدر المخاطر وأعلى نسبة للنجاح.
ما نسبة نجاح عملية استبدال الصمام الميترالي؟
تشير الإحصائيات الحديثة إلى أن نسبة نجاح علاج الصمام الميترالي من خلال جراحة إصلاحه أو استبداله تتجاوز 90-95%، وخاصة إذا أُجريت في مراكز متخصصة على أيدي فريق طبي ذي كفاءة وخبرة.
ختامًا، يعد علاج الصمام الميترالي باستخدام تقنيات التدخل المحدود تطورًا نوعيًا في مجال جراحات القلب، إذ يوفر للمريض نتائج مثالية بأقل مضاعفات صحية محتملة، وهو الأمر الذي يسهم في تحسين جودة حياة المريض.
اكتشفوا مزيد من المعلومات عن خطورة ارتجاع الصمام الميترالى من خلال مشاهدة مقاطع الفيديو الطبية المنشورة على منصتنا المتميزة، ميديكازون، المنصة الطبية المرئية الرائد في مصر والوطن العربي.
إقرأ أيضاً
- كم يعيش الطفل بعد عملية القلب المفتوح
- إيكو للقلب
- أضرار المسح الذري