تُعد الرغبة الجنسية أحد أهم الجوانب الحيوية في حياة الإنسان، فهي ليست مجرد إحساس عابر أو نزوة، بل وظيفة بيولوجية ونفسية متكاملة تعبّر عن توازن الهرمونات والحالة النفسية والصحة العامة للفرد.
في هذا المقال سنتعرّف على مفهوم الرغبة الجنسية وأهم عواملها ونستعرض الفرق بين الرغبة والانتصاب كما أوضحه الدكتور أحمد فودة -استشاري جراحات الضعف الجنسي وأمراض الذكورة والعقم-.
ما هي الرغبة الجنسية؟
الرغبة الجنسية هي استجابة معقّدة يشترك فيها الدماغ والهرمونات والأعضاء التناسلية، يُعد الدماغ هو المحرك الأساسي، إذ تبدأ الرغبة بإشارات عصبية من مناطق محددة في المخ، ثم تنتقل هذه الإشارات لتنشّط إفراز هرمون التستوستيرون عند الرجال والإستروجين والبروجستيرون عند النساء.
وتلعب هذه الهرمونات دورًا مباشرًا في تنشيط الدوافع الجنسية، وتحفيز الإحساس بالرغبة، كما لها دور في بلوغ مراحل النشوة عند الرجل والمرأة، لذلك أي خلل في توازن هذه الهرمونات ينعكس فورًا على الرغبة.
العوامل المؤثرة في الرغبة الجنسية
الرغبة الجنسية لا تعتمد على عامل واحد، بل هي نتيجة تفاعل معقّد بين الجسم والعقل، وفيما يلي أهم العوامل التي تؤثر فيها:
توازن الهرمونات
تُعد الهرمونات هي المفتاح الأساسي لتنظيم الرغبة الجنسية؛ إذ تتحكم في الدوافع والمزاج والطاقة الحيوية لدى الرجل والمرأة، ومن أهمها:
- التستوستيرون: الهرمون الأساسي للرغبة الجنسية لدى الرجال، والمسؤول عن الحيوية والطاقة الجنسية.
- الإستروجين: عند النساء، يتحكم في الدورة الشهرية والرغبة والمزاج.
- البرولاكتين: ارتفاعه قد يثبّط الرغبة الجنسية لدى الجنسين.
العوامل الجسدية
تؤثر أمراض القلب والسكري وارتفاع الكوليسترول والسمنة واضطرابات الهرمونات في الرغبة والانتصاب أو الاستجابة الجنسية عمومًا.
نمط الحياة
يؤثر نمط الحياة اليومي في الرغبة الجنسية أيضًا؛ فالعادات غير الصحية تضعف طاقة الجسم وتُحدث خللًا في توازن الهرمونات؛ فتؤدي قلة النوم والتدخين وسوء التغذية وقلة النشاط البدني إلى انخفاض واضح في الرغبة الجنسية بمرور الوقت.
تأثير الجانب النفسي والعاطفي في الرغبة الجنسية
الرغبة الجنسية لا تنشأ فقط من توازن الهرمونات، بل تحتاج إلى الانسجام العاطفي؛ لأنها تعبير عن المودة والتقارب النفسي، وأظهرت دراسات طبية أن الأزواج الذين يتمتعون بتواصل عاطفي جيد يملكون رغبة جنسية أكثر استقرارًا، حتى مع التقدم في العمر.
ومن ناحية أخرى فالضغوط اليومية والخلافات الزوجية وانعدام الثقة قد تؤدي إلى تراجع تدريجي في الرغبة الجنسية حتى مع سلامة الجسد.
كذلك يُعد العامل النفسي من أكثر المؤثرات أهمية، فالقلق والاكتئاب والإجهاد والمشاكل العاطفية يمكن أن تُضعف الرغبة بشكل واضح، والعلاقة الصحية بين الشريكين
الفرق بين الرغبة الجنسية والانتصاب| توضيح من دكتور أحمد فودة
يوضح الدكتور أحمد فودة خلال حديثه بالفيديو أن هناك فرقًا واضحًا بين الرغبة الجنسية والانتصاب يُشبه الفرق بين ضعف الانتصاب والضعف الجنسي ، فالرغبة هي المرحلة الأولى في دورة الاستجابة الجنسية عند الرجل والمرأة، والتي تتبعها مراحل أخرى مثل الاستثارة ثم النشوة وأخيرًا مرحلة الارتخاء.
ويقول الدكتور أحمد فودة:
“الرغبة الجنسية تعتمد على هرمون التستوستيرون أو هرمون الذكورة، وطالما أن الهرمون في معدلاته الطبيعية فالرغبة موجودة، أما الانتصاب فهو عملية مختلفة تمامًا؛ فقد تكون هناك رغبة حقيقية، لكن الانتصاب ضعيف أو لا يحدث لأسباب عضوية أو نفسية.”
ويضيف الدكتور أحمد فودة موضحًا:
“من الأسباب العضوية لضعف الانتصاب: التسريب الوريدي، تصلب الشرايين، ارتفاع الكوليسترول والدهون الثلاثية، والسمنة المفرطة، أما الأسباب النفسية فتشمل الاكتئاب والقلق.
لذلك من الطبيعي أن تكون الرغبة موجودة مع ضعف في الانتصاب، ومع الوقت إذا استمر الضعف لفترة طويلة يمكن أن تنخفض الرغبة تدريجيًا نتيجة تراجع مستوى هرمون الذكورة.”
ويؤكد الدكتور أحمد فودة أن هناك أيضًا فرق بين ضعف الانتصاب والضعف الجنسي؛ فالأول يشير إلى صعوبة في الوصول أو الحفاظ على الانتصاب رغم وجود رغبة، بينما الثاني يشمل ضعفًا في الرغبة نفسها أو في جميع مراحل النشوة الجنسية عند الرجل أو المرأة.
هذا التوضيح يبيّن أن الرغبة والانتصاب عمليتان مختلفتان فسيولوجيًا، وأن علاج أحدهما لا يعني بالضرورة علاج الآخر، مما يجعل الفحص الطبي الشامل ضروريًا لتحديد السبب الحقيقي ومعالجته بدقة.
متى تعد قلة الرغبة مشكلة تحتاج إلى تدخل طبي؟
ينصح الأطباء بزيارة أخصائي أمراض الذكورة أو الغدد الصماء عند ملاحظة أي تغيّر واضح في الرغبة أو الأداء الجنسي؛ لأن التغير في هذا الجانب غالبًا ما يكون عرضًا مبكرًا لخلل صحي أو هرموني يمكن علاجه بسهولة إذا اكتُشف في الوقت المناسب.
لذلك يجب التوجّه للطبيب في الحالات التالية:
- تراجع مفاجئ أو مستمر في الرغبة الجنسية دون سبب واضح.
- وجود رغبة طبيعية لكن مع ضعف أو غياب الانتصاب.
- تعب مزمن أو إرهاق دائم غير مبرر رغم النوم الكافي.
- تغيّرات في المزاج والعصبية الزائدة أو فقدان الطاقة اليومية.
- الشك في وجود خلل هرموني، أو تأثر الرغبة بسبب أدوية معينة.
يُجري الطبيب عادة فحوصات شاملة تشمل تحليل هرمونات الذكورة والغدة الدرقية والبرولاكتين وفحص الدورة الدموية والأعصاب المرتبطة بالاستجابة الجنسية، وقد يطلب أيضًا تحاليل للكوليسترول أو السكر؛ لأن الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع الدهون قد تحد من تدفق الدم وتؤثر في الانتصاب والرغبة معًا.
إنّ الفحص البسيط وتحليل الهرمونات المبكر يمكن أن يكشف السبب الحقيقي ويمنع مضاعفات مستقبلية كالاكتئاب وضعف الثقة بالنفس أو اضطراب العلاقة الزوجية، لذلك لا ينبغي التردد في طلب المشورة الطبية.
علاج ضعف الرغبة الجنسية
يعتمد علاج ضعف الرغبة الجنسية على تحديد السبب بدقة، فليس كل مريض يحتاج إلى دواء، بل يختلف الأسلوب حسب الحالة:
العلاج الهرموني
إذا أظهرت التحاليل انخفاضًا في مستوى هرمون التستوستيرون، قد يصف الطبيب علاجًا تعويضيًا تحت إشراف دقيق لموازنة الهرمونات دون التسبب في آثار جانبية.
العلاج النفسي
في الحالات الناتجة عن الاكتئاب أو التوتر أو الخلافات الزوجية، يوصى بجلسات العلاج النفسي والذي يساعد المريض على استعادة الثقة والتعامل مع الضغوط التي تثبط الرغبة الجنسية.
العلاج الدوائي والمكملات
قد يصف الطبيب بعض الأدوية المحفّزة للدورة الدموية أو مكملات تحتوي على الزنك والماغنيسيوم والجينسنغ، التي أثبتت فعاليتها في تحسين الطاقة الجنسية طبيعيًا.
تعديل نمط الحياة
يُعد تغيير نمط الحياة خطوة أساسية في علاج ضعف الرغبة الجنسية، إذ تُظهر الدراسات أن السلوك اليومي يؤثر في إفراز الهرمونات والدورة الدموية والحالة النفسية؛ ولتحسين الرغبة والحفاظ على التوازن الجنسي الطبيعي يُنصح بما يلي:
- ممارسة الرياضة بانتظام وخاصة تمارين القوة والمشي السريع لتحسين الدورة الدموية.
- تناول غذاء متوازن غني بالبروتين والدهون الصحية والخضراوات الورقية.
- الإقلاع عن التدخين والمشروبات الغازية.
- الحصول على قسط كاف من النوم ومنتظم لدعم إفراز الهرمونات الجنسية.
- قضاء وقت مع الشريك لتعزيز الجانب العاطفي الذي يُحفز الرغبة بطبيعته.
المتابعة الدورية
يُنصح بإجراء متابعة دورية كل عدة أشهر مع الطبيب حتى بعد تحسن الحالة؛ لقياس مستوى الهرمونات وتقييم استجابة الجسم للعلاج، مع مراجعة أي أدوية جديدة قد تؤثر في الرغبة الجنسية.
تُعد الرغبة الجنسية مؤشرًا واضحًا على صحة الجسم والعقل، فهي تعكس توازن الهرمونات وسلامة الدورة الدموية واستقرار الحالة النفسية، فعندما تكون الرغبة الجنسية طبيعية ومتوازنة، يدل ذلك على انسجام أجهزة الجسم الحيوية.
أما انخفاضها المفاجئ أو المستمر فقد يكون علامة إنذار مبكر على مشكلات صحية كامنة مثل السكري واضطرابات الغدة الدرقية أو الاكتئاب، مما يجعل الانتباه لها خطوة مهمة في الوقاية والعلاج المبكر.
الأسئلة الشائعة
ما هو سبب عدم الرغبة بالجماع؟
تختلف أسباب ضعف أو غياب الرغبة في الجماع من شخص لآخر، وغالبًا ما تنتج عن تداخل بين عوامل جسدية ونفسية، فقد يكون السبب انخفاض هرمونات الذكورة أو الأنوثة مثل التستوستيرون أو الإستروجين، أو الضغوط النفسية والاكتئاب والقلق.
كما تتأثر الرغبة أيضًا بقلة النوم، والإجهاد المستمر والمشكلات الزوجية وبعض الأمراض المزمنة كاضطرابات الغدة الدرقية والسكري، إضافة إلى بعض الأدوية مثل مضادات الاكتئاب.
هل يمكن زيادة الرغبة الجنسية طبيعيًا؟
يمكن زيادة الرغبة الجنسية بشكل طبيعي من خلال:
- تحسين نمط الحياة ودعم توازن الهرمونات.
- ممارسة الرياضة بانتظام لتحفيز الدورة الدموية وتناول غذاء صحي غني بالزنك والمغنيسيوم مثل المكسرات والأسماك.
- الحصول على نوم كافٍ، وتقليل التوتر النفسي.
وفي الختام، إن الرغبة الجنسية مرآة لصحة الجسد والعقل، والحفاظ عليها يبدأ من الاهتمام بالنفس وتعديل نمط الحياة.
ميديكازون هي منصة طبية رائدة في مصر والوطن العربي، تضم مجموعة من أفضل الأطباء المتخصصين في مختلف التخصصات. نحن دائمًا في خدمتكم لتلقي استفساراتكم عبر التعليقات على منصاتنا الاجتماعية، مع ضمان تقديم إجابات دقيقة وموثوقة من قبل فريق من الأطباء الخبراء.