تُعد أورام الكبد من الحالات المرضية التي تتطلب رعاية خاصة؛ نظرًا إلى تأثيرها في وظائف الكبد الحيوية التي تشمل تنقية الدم، وإنتاج البروتينات، وتخزين الطاقة، وقد تكون هذه الأورام حميدة أو خبيثة، ويختلف كل منهما في خصائصه وتأثيره في صحة الجسم.
خلال هذا الفيديو يستعرض الدكتور أحمد حسين -أستاذ الجراحة والأورام، وجراحة الكبد والبنكرياس والقنوات المرارية وزراعة الكبد- كيفية تشخيص نوع الورم الكبدي، ويوضح بعض الحالات التي ينبغي فيها استئصال أورام الكبد.
هل ينبغي استئصال أورام الكبد؟ أم يمكن علاجها بوسائل أخرى؟
يوضح الدكتور أحمد أن أورام الكبد تختلف تبعًا لأنواعها وأحجامها ومدى خطورتها على صحة الإنسان، بدءًا من التكيسات البسيطة والأورام الحميدة، مثل الوحمة الكبدية التي تشبه وحمات الجلد لكنها تنشأ داخل الكبد.
عادة ما تظهر هذه الأورام خلال فحص الموجات الصوتية عندما يطلب الطبيب إجراء هذا الفحص من أجل تشخيص مشكلات أخرى قد تكون خاصة بالمرارة، إذ يلاحظ وجود بؤرة داخل الكبد قد تكون وحمة كبدية.
تشخيص أورام الكبد
يشير الدكتور أحمد إلى أن تشخيص أورام الكبد بدقة يتم من خلال استخدام الأشعة المقطعية بالصبغة، فلكل نوع من أورام الكبد طريقة خاصة في امتصاص الصبغة والتخلص منها، فنحو 75% من الدم يدخل إلى الكبد عبر الوريد البوابي، بينما تصل النسبة المتبقية عبر الشريان الكبدي المتفرع من الشريان الأورطي.
ويمكن للطبيب تشخيص أورام الكبد المختلفة بعد حقن الصبغة ومراقبة مراحل امتصاصها وتخلص خلايا الورم منها، على سبيل المثال تمتص بعض الأورام الصبغة سريعًا في المرحلة الشريانية ثم تتخلص منها بطريقة مميزة في المرحلة الوريدية، مثل سرطان الكبد الأولي.
ويسهم هذا الأمر في سهولة تشخيص الأورام دون الحاجة إلى أخذ عينة من الكبد (الخزعة)، وعادة ما يؤكد الطبيب نتائج هذه الأشعة بإجراء تحليل "Alpha-fetoprotein".
متى ينبغي التدخل جراحيًا لعلاج أورام الكبد؟
يؤكد الدكتور أحمد أن استئصال أورام الكبد يخضع لبعض الشروط، على سبيل المثال لا الحصر:
في حال كانت الوحمة الكبدية كبيرة أو سطحية أو معرضة للانفجار نتيجة اصطدامها بالضلوع المواجهة لها، فإنه من الأفضل طبيًا إزالتها.
إذا كان حجم الوحمة صغيرًا ولا يسبب أي مشكلات، يكتفي الطبيب المعالج بالمتابعة الدورية دون تدخل جراحي.
عادة لا تحتاج التكيسات البسيطة "Simple Cysts" إلى علاج ويتم تركها دون استئصال.
إلى هنا ينتهي حديث الدكتور أحمد حسين، وفيما يلي نستعرض -نحن فريق ميديكازون- أبرز أنواع أورام الكبد الحميدة والخبيثة، ونوضح أهم الوسائل المستخدمة في علاجها.
ما هي أورام الكبد؟ وما أنواعها؟
تنشأ أورام الكبد من نمو غير طبيعي للخلايا داخل أنسجة الكبد، الأمر الذي يؤثر سلبًا في وظائفه كما ذكرنا سلفًا، وتُصنف هذه الأورام إلى نوعين رئيسيين:
الأورام الحميدة (غير السرطانية)
عادةً لا تنتشر هذه الأورام إلى أجزاء أخرى من الجسم، ولا تسبب أعراضًا خطيرة إلا في حالات معينة، مثل زيادة حجمها بصورة غير طبيعية، أو حدوث تمزق يؤدي إلى نزيف داخلي، أو ضغطها على الأوعية الدموية أو القنوات الصفراوية، وتتضمن أبرز أنواعها ما يلي:
الورم الوعائي الدموي "Hemangioma"
يُعد الورم الوعائي الدموي أكثر الأورام الحميدة شيوعًا في الكبد، وهو تجمع غير طبيعي للأوعية الدموية داخل نسيج الكبد.
في معظم الحالات لا يسبب هذا الورم أي أعراض ويتم اكتشافه بالصدفة في أثناء الفحوصات التصويرية، مثل الأشعة فوق الصوتية، أو الأشعة المقطعية، ويتميز هذا النوع من الأورام بما يلي:
- لا يتجاوز حجم هذا الورم 5 سم، وعادة لا يحتاج إلى علاج.
- في بعض الحالات قد يزداد حجم الورم ليتخطى 10 سم، وهو الأمر الذي يؤدي إلى ظهور أعراض، مثل ألم في الجزء العلوي من البطن أو الشعور بالامتلاء.
- نادرًا ما يحدث تمزق للورم، لكنه قد يسبب نزيفًا داخليًا في حال التعرض لصدمة قوية في منطقة البطن.
- تشير بعض الدراسات الطبية إلى احتمالية زيادة حجم الورم الدموي لدى النساء اللاتي يستخدمن موانع الحمل الهرمونية لفترات طويلة.
الورم الغدي الكبدي "Hepatic Adenoma"
يعد الورم الغدي الكبدي من الأورام الكبدية الحميدة النادرة، ورغم كونه ورمًا حميدًا، فإنه قد يحمل بعض المخاطر الصحية، خاصةً إذا نما حجمه بنسبة كبيرة، أو إذا تعرض للتمزق، ومن أهم سمات وأعراض أورام الكبد من هذا النوع:
- عادة ما يرتبط ظهوره باستخدام موانع الحمل الفموية لفترات طويلة.
- تظهر أعراضه المتمثلة في معاناة الألم في الجزء العلوي الأيمن من البطن، والشعور بامتلاء المعدة في حال زاد حجمه عن 10 سم.
- في بعض الحالات قد يتمزق الورم مسببًا نزيفًا داخليًا خطيرًا، الأمر الذي يتطلب تدخلاً طبيًا عاجلًا.
- قد يتحول هذا النوع إلى ورم خبيث في حالات نادرة جدًا لا تتجاوز 1%، لذا ينصح بالمتابعة الدورية مع الطبيب المختص في حال الإصابة به.
- قد يوصي الطبيب باستئصال الورم في حال معاناة اعراضًا واضحة أو إذا كان حجم الورم كبيرًا.
فرط التنسج العقدي البؤري "FNH"
يُعد فرط التنسج العقدي البؤري ثاني أكثر أورام الكبد الحميدة شيوعًا بعد الورم الوعائي الدموي، وينتج من تشوهات في الأوعية الدموية المغذية للكبد، ما يؤدي إلى تكوين عقد ليفية داخل نسيج الكبد، ويتميز هذا النوع بما يلي:
- لا يرتبط هذا النوع بظهور أعراض واضحة، وعادة ما يتم الكشف عنه بالمصادفة في أثناء الفحوصات التصويرية.
- لا يوجد علاقة واضحة بين الإصابة بفرط التنسج البؤري واستخدام موانع الحمل الهرمونية، مع ذلك فإنه أكثر شيوعًا لدى النساء.
- عادة لا يتحول هذا النوع إلى ورم سرطاني، ولا يحتاج إلى علاج في معظم الحالات.
- لا يوصي الطبيب بإزالة الورم جراحيًا إلا في بعض الحالات النادرة جدًا، مثل معاناة أعراض شديدة، أو عدم وضوح التشخيص (تشخيص غير مؤكد بنوع الورم).
أورام الكبد الخبيثة (السرطانية)
يعد سرطان الكبد من المشكلات الصحية الخطيرة التي تؤثر سلبًا وبصورة مباشرة على وظائفه الحيوية، وتُصنف أورام الكبد الخبيثة إلى أورام أولية منشأها خلايا الكبد، وأورام ثانوية وهي تلك التي تنتشر إليه من أعضاء أخرى مصابة بالسرطان.
تشمل أنواع سرطان الكبد ما يلي:
سرطان الخلايا الكبدية "Hepatocellular Carcinoma"
يُعد سرطان الخلايا الكبدية أكثر أنواع سرطان الكبد الأولي شيوعًا؛ إذ يمثل ما بين 85% و90% من إجمالي الحالات، ينشأ هذا النوع من خلايا الكبد المعروفة باسم "الخلايا الكبدية"، وعادة ما يتطور لدى الأشخاص المصابين بأمراض الكبد المزمنة، مثل:
- التهاب الكبد الفيروسي المزمن "C" و "B".
- تشمع الكبد الناتج من الإفراط في شرب الكحوليات.
- الكبد الدهني الذي يرتبط بأمراض السكري والسمنة.
لا يشعر المريض بأي أعراض في المراحل المبكرة من المرض، ومع تقدم المرض قد تظهر الأعراض كالآتي:
- فقدان الوزن غير المبرر.
- الشعور بالألم في الجزء العلوي من الأيمن من البطن.
- الاستسقاء أو تجمع السوائل داخل تجويف البطن.
- اصفرار الجلد والعينين.
- فقدان الشهية.
- الشعور بالتعب والإرهاق.
سرطان القنوات الصفراوية "Cholangiocarcinoma"
يؤثر سرطان القنوات الصفراوية في القنوات المسؤولة عن نقل العصارة الصفراوية من الكبد إلى الأمعاء الدقيقة، وقد تزيد بعض العوامل من احتمالية الإصابة بهذا النوع من سرطان الكبد، مثل:
- الإصابة بالتهاب القنوات الصفراوية المزمن.
- الإصابة بطفيليات الكبد، مثل"Fasciola hepatica" المنتشرة في بعض الدول الآسيوية.
تتضمن أبرز أعراض هذا الورم الخبيث فيما يلي:
- اليرقان، أو اصفرار الجلد والعينين؛ نتيجة انسداد القنوات الصفراوية.
- الحكة الشديدة؛ نتيجة تراكم العصارة الصفراوية في الدم.
- فقدان الوزن غير المبرر.
- الإحساس بالتعب المزمن والإرهاق.
- تغير لون البراز إلى اللون الفاتح.
الأورام الثانوية "Metastatic Liver Cancer"
تنتج أورام الكبد الثانوية من انتقال الخلايا السرطانية من أعضاء أخرى إلى الكبد عبر الدورة الدموية، وهي أكثر شيوعًا من سرطان الكبد الأولي، ويعد سرطان القولون والمستقيم من أكثر الأنواع انتشارًا إلى الكبد، إضافة إلى بعض الأنواع الأخرى، مثل:
تتمثل علامات هذا النوع من الأورام الخبيثة فيما يلي:
- تضخم الكبد وشعور المريض بكتلة صلبة في الجانب الأيمن العلوي من البطن.
- فقدان الوزن والشعور بالتعب والإرهاق.
- اصفرار الجلد والعينين.
- ارتفاع مستويات إنزيمات الكبد في الدم.
أبرز وسائل علاج الأورام الكبدية
يعتمد وضع خطة علاجية لأورام الكبد على حجم الورم ومدى انتشاره، ويهدف العلاج إلى السيطرة على الورم للحد من مضاعفاته الصحية، وزيادة فرص التعافي، وتتمثل أبرز الوسائل العلاجية فيما يلي:
المراقبة الدورية للورم دون تدخل علاجي
يعتمد الأطباء هذه الوسيلة في حال كان الورم حميدًا صغير الحجم، إضافة إلى كونه لا يسبب أعراضًا أو مضاعفات صحية، ويُكتفى بمتابعة تطور الورم من خلال الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي.
العلاج الموضعي (استهداف الورم المباشر)
تستخدم علاجات استهداف الورم المباشر في تدمير الأورام الصغيرة ومتوسطة الحجم، وخاصة عندما يكون التدخل الجراحي غير ممكن، وتشمل هذه العلاجات:
- التردد الحراري لعلاج أورام الكبد: يعتمد على إدخال إبرة دقيقة داخل الورم عبر الجلد أو من خلال المنظار، ثم تمرير موجات كهربائية عالية التردد تؤدي إلى تسخين الخلايا السرطانية وتدميرها، يُستخدم هذا الإجراء عادة في الأورام الأولية الصغيرة.
- العلاج بالتبريد "Cryoablation": يسمح هذا النوع من العلاج بتجميد الخلايا السرطانية من خلال استخدام غازات خاصة، مثل النيتروجين السائل، ما يؤدي إلى قتل الخلايا السرطانية وتدمير الورم تدريجيًا.
التدخل الجراحي
يُعد التدخل الجراحي أحد الحلول الفعالة لعلاج أورام الكبد، خاصةً في الحالات التي يكون فيها الورم كبيرًا، أو يؤثر سلبًا في وظائف الكبد، أو يسبب ظهور أعراض مزعجة.
قد يكتفي الجراح بإزالة الورم فقط، أو استئصاله مع جزء من الكبد، مع الحرص على الحفاظ على سلامة الجزء المتبقي لضمان استمرارية وظائفه.
أما في الحالات المتقدمة من سرطان الكبد أو تليفه الشديد، فقد يوصي الطبيب بزراعة الكبد كخيار علاجي، إذ يتم استبدال الكبد المصاب بكبد سليم من متبرع، ما يساعد على استعادة وظائف الكبد وتحقيق فرص أفضل للتعافي.
العلاج الإشعاعي
يعتمد العلاج الإشعاعي على توجيه حزم من موجات إشعاعية مركزة إلى الورم لتدمير الخلايا السرطانية وتقليص حجم الورم، وخاصة في الحالات غير القابلة للاستئصال الجراحي، وعادة ما يلجأ الطبيب لهذا النوع من العلاج لتخفيف الأعراض المرتبطة بالورم.
العلاج الكيميائي
يعتمد هذا النوع من العلاج على إدخال الأوردة عبر الوريد، أو بصورة مباشرة إلى داخل شرايين الكبد (العلاج الكيميائي الموضعي)، ويسهم هذا النوع في إبطاء نمو الورم والحد من الأعراض.
تمثل أمراض الكبد وأورامه تحديًا طبيًا يتطلب تشخيصًا دقيقًا وعلاجًا مناسبًا، وتعتمد زيادة نسبة شفاء سرطان الكبد وكذلك أورامه الحميدة على الكشف المبكر، واتخاذ التدابير الوقائية اللازمة، واللجوء إلى العلاجات الفعالة وفقًا لنوع الورم ومرحلته.
تعرفوا إلى مزيد من المعلومات عن أمراض الكبد ونسبة شفاء سرطان الكبد من خلال مشاهدة مقاطع الفيديو الطبية المنشورة على منصة ميديكازون، المنصة الطبية المرئية الرائدة في مصر والوطن العربي.
إقرأ أيضاً
- علاج تليف كبدي
- سبب خروج سائل اصفر من الثدي عند الضغط عليه
- عدد جرعات العلاج الكيماوي لسرطان الثدي