ينتاب كثير من الناس قلق شديد عندما ينسون شيئًا بسيطًا، مثل مكان المفاتيح أو تفاصيل موقف حدث مؤخرًا، فيقول أحدهم "أنا عندي ألزهايمر". لكن هل كل نسيان يعني فعلًا الإصابة بمرض آلزهايمر؟
للإجابة على هذا السؤال، دار حوار مع الدكتور أحمد زهران -استشاري جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري- والدكتور شادي سامي -استشاري ومدرس طب المخ والأعصاب جامعة عين شمس- أوضحا فيه الفارق بين النسيان العابر وأعراض المرض الحقيقي، وكيف يمكن تشخيصه والتمييز بينه وبين أمراض أخرى قد تتشابه معه.
ما هو مرض آلزهايمر؟
يبدأ الدكتور شادي سامي الحديث موضحًا أن مرض آلزهايمر ليس مجرد نسيان عادي، بل هو اضطراب عصبي مزمن يتميز بفقدان تدريجي للذاكرة والقدرات المعرفية، ويضيف أن كثيرًا من الناس يخلطون بين النسيان الطبيعي الذي قد يحدث لأي شخص، وبين أعراض مرض الألزهايمر، فالمريض الذي ينسى رقم الهاتف الذي لقّنه له الطبيب قبل لحظات أو يكرر نفس السؤال أكثر من مرة في وقت قصير هو الذي نبدأ بالاشتباه في إصابته.
مشكلة الذاكرة قصيرة المدى
يشير الدكتور شادي سامي إلى أن المشكلة الأساسية في ألزهايمر تكمن في ذاكرة المدى القصير أو ما نسميه "الذاكرة العاملة"، لأن المريض يفقد القدرة على الاحتفاظ بالمعلومة الجديدة لفترة قصيرة ليستخدمها.
في البداية يظهر ذلك على شكل نسيان أحداث اليوم، ثم في المراحل التالية يتطور إلى نسيان الأماكن والشوارع وحتى الغرف داخل البيت.
كيف نميز بين النسيان العادي وأعراض مرض الألزهايمر؟
يوضح الدكتور شادي سامي أن التقييم يعتمد على الاستماع للمريض ثم إجراء ما يعرف باختبارات الوظائف المعرفية، مثل:
- أن يُطلب من المريض رسم شكل هندسي بسيط.
- أن يُطلب منه تكرار ثلاث كلمات ثم يُعاد السؤال بعد دقائق.
- أن يُطلب منه كتابة جملة أو القيام بمهمة بسيطة.
هذه الاختبارات تساعد على معرفة ما إذا كان الأمر مجرد نسيان طبيعي أم جزءًا من أعراض مرض الألزهايمر.
ويؤكد أن النسيان البسيط مثل نسيان المفاتيح أو بعض التفاصيل اليومية لا يعني بالضرورة ألزهايمر، أما التكرار المستمر لنفس السؤال أو نسيان أحداث قريبة جدًا فهو علامة إنذار تستحق الفحص.
دور التحاليل والأشعة في تشخيص آلزهايمر
يتدخل الدكتور أحمد زهران ليضيف أن التشخيص لا يعتمد على الأعراض فقط، بل يتطلب التزامًا بما أوصت به الأكاديمية الأمريكية لطب الأعصاب، التي تؤكد أن أي مريض يشتكي من مشاكل في الذاكرة يجب أن يجري تحاليل وفحوص دم وأشعة للمخ.
ويشرح أن السبب وراء ذلك هو وجود أمراض كثيرة قد تشبه في أعراضها مرض آلزهايمر، مثل النزيف المزمن أو بعض أمراض التمثيل الغذائي ولهذا لا يجوز الاعتماد على انطباع المريض أو أسرته فقط، بل يجب البحث عن السبب الحقيقي وراء هذه الأعراض.
أمراض أعراضها قد تُشبه أعراض مرض الألزهايمر
يستكمل الدكتور شادي سامي حديثه بقصة من واقع العيادة قيقول إن كثيرًا من المرضى كبار السن (سبعين أو ثمانين عامًا) يتناولون أدوية سيولة -بسبب تركيب دعامات أو أمراض قلبية- وأحيانًا يتعرض هؤلاء لخبطات بسيطة في الرأس من أحفادهم أو أثناء المشي، وعند عمل الأشعة نكتشف وجود نزيف مزمن في المخ.
هذا النزيف يتراكم ببطء ويسبب أعراضًا تشبه أعراض مرض الألزهايمر مثل ضعف في الذاكرة ومشية غير متزنة وفقدان السيطرة على البول، لكن السبب الحقيقي ليس ألزهايمر، بل نزيف يمكن علاجه جراحيًا، وفي هذه الحالة يتحول المريض من تشخيص محبط إلى حالة قابلة للشفاء.
متلازمة آدم حكيم وعلاقتها بأعراض الذاكرة ومرض آلزهايمر
يشير الدكتور أحمد زهران إلى مرض آخر يشبه كثيرًا مرض آلزهايمر وهو متلازمة آدم حكيم أو ما يعرف بضغط المخ الحميد، في هذا المرض يحدث ارتفاع بسيط لكنه مستمر في ضغط السائل النخاعي على المخ، ما يؤدي إلى الضغط على الأعصاب المسؤولة عن:
- الذاكرة.
- المشي.
- التحكم في البول.
ويظهر ما يسمى بالثالوث الكلاسيكي وهو فقدان الذاكرة مع صعوبة في المشي وفقدان التحكم في البول، وهنا قد يظن البعض أن المريض يعاني من ألزهايمر، بينما السبب الحقيقي مختلف تمامًا.
العلاج الجراحي لمتلازمة آدم حكيم
يوضح الدكتور أحمد زهران أن علاج هذه الحالة قد يكون بسيطًا لكنه فعّال جدًا، ففي البداية يُجرى بزل للسائل النخاعي لتقليل الضغط، وإذا تحسنت الأعراض يمكن تركيب صمام دائم يحافظ على الضغط في المعدل المناسب.
ويحكي قصة مريض كان عاجزًا عن المشي ويحتاج مساعدة للانتقال من الكرسي إلى السرير، لكن بمجرد إجراء البزل بدأ يتحرك بشكل طبيعي وكأن حالته انقلبت رأسًا على عقب. تمنح هذه الحالات الأمل وتثبت أن ليس كل مريض نسيان أو صعوبة مشي مصاب بألزهايمر، بل قد تكون حالته قابلة للعلاج الكامل.
متى يتدخل جراح المخ والأعصاب في حالات آلزهايمر؟
يوضح الدكتور أحمد زهران أن طبيب الأعصاب يتعامل مع الحالات التي لا تحتاج جراحة مثل التصلب المتعدد أو مرض آلزهايمر نفسه، أما إذا كشف التشخيص عن نزيف أو ورم أو حالة تحتاج تدخلاً جراحيًا، فإن المريض يُحول إلى جراح المخ والأعصاب.
ويؤكد أن هذا التعاون بين التخصصين ضروري لأن بعض الحالات تُكتشف بالصدفة في أثناء إجراء فحوصات الذاكرة وتتحول مباشرة إلى مسار جراحي.
وفي ختام حديث الدكتور أحمد زهران -استشاري جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري-، يمكن القول إن مرض آلزهايمر له أعراض مميزة، لكنه ليس التشخيص الوحيد عند ظهور مشاكل الذاكرة، فهناك أمراض أخرى قد تتشابه مع أعراض مرض الألزهايمر وهذه الأمراض يمكن علاجها إذا شُخّصت مبكرًا.
ميديكازون هي منصة طبية رائدة في مصر والوطن العربي، تضم مجموعة من أفضل الأطباء المتخصصين في مختلف التخصصات. نحن دائمًا في خدمتكم لتلقي استفساراتكم عبر التعليقات على منصاتنا الاجتماعية، مع ضمان تقديم إجابات دقيقة وموثوقة من قبل فريق من الأطباء الخبراء.